كتاب عن تحليل ظاهرة توظيف الدين فى السياسة الدولية

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014 10:11 ص
كتاب عن تحليل ظاهرة توظيف الدين فى السياسة الدولية صورة أرشيفية
(رويترز)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتحدث الباحث والوزير اللبنانى السابق جورج قرم فى كتاب جديد عما أسماه استعمال الدين فى الحياة السياسية الدولية، يرفض قرم فى الكتاب القيم الضخم الآراء التى تحمّل عصر التنوير وأفكار الثورة الفرنسية تبعة أعمال العنف وسفك الدماء التى شهدها العالم ويقول إن تبعة هذه الأعمال يجب أن تعود إلى مجالات أخرى مسكوت عنها مثل محاكم التفتيش التى أنشأتها الكنيسة فى ما سمى عصور الظلام.

كتاب قرم الغنى فى مواده والحافل بالعمق الفكرى حمل عنوان "نحو مقاربة دنيوية للنزاعات فى الشرق الأوسط.. تحليل ظاهرة توظيف الدين فى السياسة الدولية"، صدر الكتاب عن دار الفارابى فى بيروت فى 383 صفحة متوسطة القطع. وكان قد صدر باللغة الفرنسية فى باريس وترجمه إلى العربية الدكتور سلام دياب.

وقد ورد العمل - وهو الثامن والعشرون لجورج قرم - فى ثلاثة أجزاء وخاتمة. حمل الجزء الأول عنوانا رئيسيا هو (تفكيك منطق تبرير الصراعات) وفيه ثلاثة فصول فى كل منها عدة موضوعات. بعد مقدمة الطبعة العربية و(تمهيد) يرد الفصل الأول وعنوانه (مقدمة للمقاربة الدنيوية فى تحليل الصراعات) وفيه عدة عناوين فرعية.

الفصل الثانى وتحته عدة عناوين حمل عنوان (الصراعات الجديدة ووظيفة "عودة الدين"). أما الفصل الثالث فعنوانه (الدين والجيوسياسية : علاقة منحرفة) وفيه عدة عناوين فرعية أيضا.

الجزء الثانى عنوانه (التلاعب بالذاكرة والهوية كمصدر للصراعات) وفيه فصل بعنوان (عصر الهويات المتقوقعة والانتقال العالمى إلى تجمعات طوائفية) وتحته عدد من العناوين الفرعية. تلا ذلك فصل بعنوان (تصدير النزاع حول الجذور فى بناء أسطورة الهوية الغربية) وفيه عدد من العناوين الفرعية. وبعده ورد فصل بعنوان (الذاكرة والتاريخ فى نشأة الصراعات) وفيه بضعة عناوين فرعية. الفصل الأخير فى هذا الجزء كان عنوانه (فلسطين مصب العواطف الأوروبية) وفيه عدد من العناوين الفرعية.

أما الجزء الثالث فحمل عنوان (إشكالية العلمانية والحرية) وتألف من ثلاثة فصول تحت كل منها عدة عناوين. عنوان الفصل الأول هو (الطائفية والتعددية الثقافية مصدر الصراعات). والفصل الذى تلاه عنوانه (المعركة من أجل الحرية فى الشرق الأوسط) وتلاه فصل آخر بعنوان (المسارات العكسية للحرية الدينية فى أوروبا والعالم العربى).

فى الفصل الذى حمل عنوان (الصراعات الجديدة ووظيفة "عودة الدين") قال قرم "إن الحديث عن "العودة" يعنى وجوب غياب. غير أن ما من شىء قابل للجدال مثل هذا التأكيد وذلك لسببين رئيسيين. يعود السبب الأول إلى أن الدين على اختلاف أشكاله قديم قدم الكون. فالحاجة إلى التسامى وإلى تفسير هشاشة الوجود البشرى أمام ديمومة الكون وحتمية الموت يستدعى الإيمان بجملة من المعتقدات من شأنها أن تهدئ من قلق الإنسان وروعه.

"وحيث أن الديانة المسيحية فى أوروبا اقتبست صبغة علمانية تدريجيا فإنها وبعد قرون من الحروب بين أتباعها فى أوروبا أنجبت أشكالا أخرى من المعتقدات والأنظمة الوجودية التى غالبا ما تبنت أنماط الطقوس والاحتفالات نفسها للتعبير عن الإيمان المشترك."

أضاف أنه "فى أماكن أخرى خارج أوروبا حافظ الدين التقليدى نوعا ما على مركزه المهيمن وفقا لتعددية المجتمعات أولا فى الولايات المتحدة حيث لم يتوقف الدين عن أن يكون السمة المسيطرة على المجتمع الأمريكى وكذلك فى مجتمعات الشرق الأقصى وفى الهند والعالم الإسلامى لا بل أكثر. فاليهودية بعد أن كانت دينا منبوذا ومحتقرا فى أوروبا شهدت ولادة جديدة.. تبلورت فى إنشاء دولة إسرائيل عام 1948".

وتابع يقول إن السبب الثانى "الذى يحب أن يبعث الشك فى وجود ظاهرة "عودة الدين" فيعود إلى غياب الإحياء اللاهوتى فى الديانات التوحيدية الكبرى. لكى يكون هناك عودة مفترضة للدين ينبغى وجود تجدد عميق للاهوت تلك الأديان وعلى ما يبدو ليس هذا حال الديانات التوحيدية الثلاث ولا ديانات الشرق الأقصى والهند".

وتحت عنوان فرعى هو (سنوات الثمانينات: لحظة التحول فى "عودة الدين" المزعومة) قال قرم "المؤشر الأكثر وضوحا على مستوى الأحداث السياسية هو بلا شك انهيار الأنظمة الشيوعية فأنهى الحرب الباردة فى نهاية الثمانينات. تجدر الإشارة إلى أنه فى المرحلة الأخيرة من هذه الحرب التى يمكن وصفها بالحرب العالمية الثالثة قامت الولايات المتحدة الأمريكية تقريبا فى كل بقاع الأرض بتعبئة الأديان الرئيسية لمكافحة النفوذ المتزايد لمختلف أنواع الأيديولوجيات الشيوعية.

"اتخذت حينئذ المفردات السياسية الأمريكية صبغة دينية عندما وصف الرئيس الأمريكى رونالد ريجان الاتحاد السوفيتى "بإمبراطورية الشر". أما الحدث الكبير الآخر "فى هذا السياق فهو كما قال انتخاب البابا البولندى يوحنا بولس الثانى عام 1978 الذى عززت شخصيته ونشاطه "الشعور بهوية دينية راسخة قوية".

أضاف يقول إن الولايات المتحدة "لم تتردد كذلك فى استدعاء الحركات الأصولية الإسلامية التابعة للمملكة العربية السعودية والباكستان وتدريب وتمويل الشباب العرب من مختلف الجنسيات لقتال القوات السوفيتية التى غزت أفغانستان عام 1979. اندرج قتالهم تحت راية الجهاد.. الحرب المقدسة ضد "الكفار" المتمثلين فى هذه الحالة بالقوات السوفيتية الملحدة.

"وكذلك فى السبعينات نفسها أنشأت المملكة العربية السعودية منظمة المؤتمر الإسلامى.. وهى أول مؤسسة دولية تجمع دولا على أساس الانتماء الدينى وليس على أساس اللغة أو الانتماء إلى منطقة جغرافية واحدة.. وتحت تأثير المساعدات السعودية الهائلة تبع عدد من الدول الإسلامية التشدد الإسلامى أو ترك الحركات الأصولية تربو على أراضيها".

ومن ناحية أخرى تحدث عن أعمال الفيلسوف الألمانى ليو شتراوس الذى يعيد الاعتبار للتنزيل الإلهى القادر فى رأيه على أن يحكم المجتمعات بطريقة شرعية تضاهى "بل تتجاوز" شرعية الأيديولوجيات السياسية. وتناول أفكار مؤرخ الثورة الفرنسية فرانسوا فوريه الذى قال إن انفجار الثورة الفرنسية وحلقة الإرهاب التى تبعتها هى "المصفوفة الأساسية لكل أشكال الإرهاب الحديث.. وبهذا يكون كل من فولتير وروسو بل حتى ديكارت أسلاف ستاين وهتلر".

وتحدث عن نظرية "حرب الحضارات" وبروز التعصب "الحضاري" رافضا هذه المقولة. وخلص إلى القول "فى الحقيقة لو عدنا إلى مختلف أنواع العنف الذى مارسته محاكم التفتيش ثم الحروب الدينية على نطاق واسع فى أوروبا لأدركنا دون صعوبة أن مصفوفة مختلف أنواع الاستبداد الحديث ليست فى بعض حلقات الثورة الفرنسية وإنما فى هذه الحقبة التاريخية الأوروبية.. أما فيما يتعلق باقتلاع الآخر.. الجار أو الصديق أو الساكن المسالم والأعزل.. فليست الحروب الثورية التى شرعنت هذه الأعمال ومارستها بشكل حصرى وإنما الحروب الدينية الأوروبية وما خلفته من مذابح." (إعداد جورج جحا للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة