سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 أبريل 1859..ديلسيبس يضرب أول معول فى حفر قناة السويس ويخطب فى العمال قائلا: «بعملكم ستجلبون الرخاء لعائلاتكم ولبلادكم الجميلة»

الخميس، 25 أبريل 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 أبريل 1859..ديلسيبس يضرب أول معول فى حفر قناة السويس ويخطب فى العمال قائلا: «بعملكم ستجلبون الرخاء لعائلاتكم ولبلادكم الجميلة» ديلسيبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان الوقت صباحا ويوافق عيد شم النسيم يوم الاثنين 25 أبريل، مثل هذا اليوم، 1859، حينما بدأت الضربة الأولى فى حفر قناة السويس، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الحفناوى فى الجزء الأول من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»، مضيفا: «تجمهرت الفئة التى يرأسها ديلسيبس، وكانت مؤلفة من بعض أعضاء مجلس إدارة القناة وبعض المهندسين، والمقاول الذى استأجروه، ومعهم خمسون من البحارة والعمال، ومن باب النفاق رفع ديلسيبس العلم المصرى، وألقى كلمة».


يضيف «الحفناوى»، أن ديلسيبس توجه إلى العمال المصريين المساكين، ووعدهم بالخير والسعادة التى ستعم بيوتهم وأولادهم، وهتف بحياة سعيد باشا والى مصر ودعا له بطول العمر، ويذكر «الحفناوى» أنه فى ربيع 1859 وصل ديلسيبس إلى القاهرة قادما من باريس، وفى صحبته بعض أعوانه، وعقدوا العزم وبيتوا النية على تحدى الجميع والبدء فى أعمال الحفر خلسة، ووضع كل المعارضين أمام الأمر الواقع، وذهب هؤلاء جميعا إلى برزخ السويس، وكان عددهم عشرون رجلا رابطوا فى الخيام فباغتهم ضابط تركى، على رأس خمسين من «الباشبوزق» وجماعة من البدو المسلحين ورموهم بالرصاص ليفرقوا ما كانوا قد جمعوا من الفلاحين.


بعث ديلسيبس بكتاب احتجاج شديد اللهجة إلى «ذوالفقار» محافظ القاهرة، يقول فيه إن قوما مسلحين باغتوه فى الخلاء، وأنه سيقابل القوة بمثلها، فأجابه المحافظ بأن الوالى سعيد باشا أصدر أوامره باتخاذ اللازم حتى لا يضايقه أحد فى أعماله، ويذكر «الحفناوى» أن ديلسيبس استدعى إلى خيمته بعض البدو وأطلعهم على مسدس به ستة عيون ينطلق رصاصها تباعا، وجربه أمامهم، وأوهمهم أن الأسلحة الحديثة الموجودة لديه ولدى زملائه تكفى للقضاء على أرواح المعتدين.
اتهم ديلسيبس بريطانيا بأنها تدبر مؤامرات ضده لعرقلة مشروعه ومنها العدوان المسلح على أعوانه فى الخيمة، وذكر ذلك فى مذكراته وينقل الحفناوى قوله عن هذا الاتهام: وأنا فى طريقى إلى البرزخ، علمت أن قنصل بريطانيا فى القاهرة، قد دبر فى غيبة الوالى دسائس ضدى، من ذلك أن الجمَال الذى كنا استأجرنا منه عشرين جملا لتنقلنا اعتذر بأنه لا يستطيع تسليمنا الجمال بدعوى أنها تشتغل فى عمليات الجيش المصرى، وأضاف ديلسيبس أن هذا القنصل واسمه «والن» استطاع أن يمنع تزويد القافلة بالمؤن.  
يذكر الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى، فى كتابه «السخرة فى حفر قناة السويس»، أن الحفل الذى أقيم إيذانا بالبدء فى عمليات حفر القناة كان متواضعا، وأن عدد العمال المصريين بلغ نحو مائة عامل جئ بهم من دمياط والنواحى القريبة منها، وقال ديلسيبس فى خطابه الذى ألقاه أمام الحاضرين من العمال ومجلس إدارة الشركة والمقاول: «باسم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وطبقا لقرارات مجلس إدارتها نضرب أول معول فى الأرض التى ستفتح أبواب الشرق لتجارة الغرب وحضارته، إننا هنا مجتمعون تحدونا فكرة واحدة هى فكرة الإخلاص لمساهمى الشركة ولصالح منشئها وراعيها العظيم الأمير محمد سعيد، إن رحلة الارتياد التى فرغنا من القيام بها لتبعث فينا الاعتقاد أن المشروع الذى يبدأ تنفيذه اليوم، لن يكون عملا من أعمال التقدم فحسب، بل سيزيد من قيمة رؤوس الأموال التى ساعدت على تنفيذه زيادة هائلة».


يؤكد «الشناوى»، أن ديلسيبس بعد أن فرغ من إلقاء كلمته أمسك بمعول وضرب به الأرض فى إحدى الحفر، التى تم عملها على خط القناة، وكان ذلك إيذانا بالبدء فى عمليات الحفر، ثم تبعه أعضاء اللجنة فالمهندسون ثم سائر مستخدمى الشركة، والتفت إلى العمال المصريين وألقى فيهم كلمة أخرى قال فيها:
«سيضرب كل منكم بمعوله الأرض كما فعلنا نحن الآن، وعليكم أن تذكروا أنكم لن تحفروا الأرض فقط، ولكن ستجلبون بعملكم الرخاء لعائلاتكم ولبلادكم الجميلة.. يحيا أفندينا محمد سعيد باشا».. يؤكد «الشناوى» أنه تمت ترجمة هذه الكلمة للعمال إلى اللغة العربية، وشرع العمال المصريون يحفرون القناة تحت إشراف المقاول استمرت أكثر من عشر سنوات حتى افتتحت للملاحة فى 17 نوفمبر 1869، وفى أول ديسمبر 1859 كان عدد العمال المصريين 78 عاملا فقط من دمياط، وبعد شهر أصبحوا 330 عاملا، ثم استعان ديلسيبس بنفوذه فى فرنسا للضغط على «سعيد باشا» لتوفير العمال اللازمين، فأصدر سعيد «لائحة استخدام العمال المصريين فى أشغال قناة السويس»، وبلغ عدد عمال السخرة 21 ألفا فى شهر رمضان  1862، لتبدأ أكبر عملية سخرة فى تاريخ مصر الحديث.
يذكر «الشناوى»، العديد من أساليب السخرة منها، أن المقاول كان يحمل مسدسا يقتل به من يفكر فى الاعتراض عليه من العمال، ونتيجة لذلك سقط المئات بالرصاص، بخلاف الآلاف الذين تم قتلهم بالسياط، وأكلت الأمراض وسوء التغذية وسوء الأحوال المعيشية الآلاف.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة